سورة ص - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (ص)


        


{فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء} أي لينة ليست بعاصفة {حيث أصاب} أي حيث أراد {والشياطين} أي وسخرنا له الشياطين {كل بناء} أي يبنون له ما يشاء {وغواص} يعني يستخرجون له اللالئ من البحر وهو أول من استخرج اللؤلؤ من البحر {وآخرين} أي وسخرنا له آخرين وهم مردة الشياطين {مقرنين في الأصفاد} أي مشدودين في القيود سخروا له حتى قرنهم في الأًصفاد {هذا عطاؤنا} أي قلنا له هذا عطاؤنا {فامنن} أي أحسن إلى من شئت {أو أمسك} أي عمن شئت {بغير حساب} أي لا حرج عليك فيما أعطيت ولا فيما أمسكت قال الحسن: ما أنعم الله تعالى على أحد نعمة إلا عليه تبعة إلا سليمان فإنه إن أعطى أجر وإن لم يعط لم تكن عليه تبعة وقيل هذا في أمر الشياطين يعني هؤلاء الشياطين عطاؤنا فامنن على من شئت منهم فخل عنه وأمسك أي احبس من شئت منهم في العمل وقيل في الوثاق لا تبعة عليك فيما تتعاطاه {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} لما ذكر الله تعالى ما أنعم به عليه في الدنيا أتبعه بما أنعم به عليه في الآخرة.
قوله عز وجل: {واذكر عبد نا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب} أي بمشقة {وعذاب} أي ضر وذلك في المال والجسد وقد تقدمت قصة أيوب {اركض} يعني أنه لما انقضت مدة ابتلائه قيل له اركض أي اضرب {برجلك} يعني الأرض ففعل فنبعت عين ماء عذب {هذا مغتسل بارد} أمره الله تعالى أن يغتسل منه ففعل فذهب كل داء كان بظاهره ثم مشى أربعين خطوة فركض برجله الأرض مرة أخرى فنبعت عين ماء عذب أخرى فشرب منه فذهب كل داء كان في باطنه فذلك قوله عز وجل: {وشراب}.


{ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا} أي إنما فعلنا ذلك معه على سبيل التفضل والرحمة لا على اللزوم {وذكرى لأولي الألباب} يعني سلَّطنا البلاء عليه فصبر، ثم أزلناه عنه وكشفنا ضره فشكر فهو موعظة لذوي العقول والبصائر {وخذ بيدك ضغثاً} أي ملء كفك من حشيش أو عيدان أو ريحان {فاضرب به ولا تحنث} وكان قد حلف أن يضرب امرأته مائة سوط فشكر الله حسن صبرها معه فأفتاه في ضربها وسهل له الأمر وأمره بأن يأخذ ضغثاً يشتمل على مائة عود صغار فيضربها به ضربة واحدة ففعل ولم يحنث في يمينه وهل ذلك لأيوب خاصة أم لا؟ فيه قولان أحدهما أنه عام.
وبه قال ابن عباس وعطاء بن أبي رباح والثاني أنه خاص بأيوب.
قاله مجاهد واختلف الفقهاء فيمن حلف أن يضرب عبد ه مائة سوط فجمعها وضربه بها ضربة واحدة.
فقال مالك والليث بن سعيد وأحمد لا يبر.
وقال أبو حنيفة والشافعي إذا ضربه ضربة واحدة فأصابه كل سوط على حدة فقد بر واحتجوا بعموم هذه الآية: {إنا وجدناه صابراً} أي على البلاء الذي ابتليناه به {نعم العبد إنه أواب} قوله تعالى: {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب} أي اذكر صبرهم فإبراهيم ألقي في النار فصبر وإسحاق أضجع للذبح في قول فصبر ويعقوب ابتلي بفقد ولده وذهاب بصره فصبر: {أولي الأيدي} قال ابن عباس أولي القوة في طاعة الله تعالى: {والأبصار} أي في المعرفة بالله تعالى، وقيل: المراد باليد أكثر الأعمال وبالبصر أقوى الإدراكات فعبر بهما عن العمل باليد وعن الإدراك بالبصر وللإنسان قوتان عالمية وعاملية وأشرف ما يصدر عن القوة العالمية معرفة الله تعالى وأشرف ما يصدر عن القوة العاملية طاعته وعبادته فعبر عن هاتين القوتين بالأيدي والأبصار {إنا أخلصناهم} أي اصطفيناهم وجعلناهم لنا خالصين {بخالصة ذكرى الدار} قيل معناه أخلصناهم بذكرى الآخرة فليس لهم ذكرى غيرها، وقيل نزعنا من قلوبهم حبَّ الدنيا وذكراها وأخلصناهم بحب الآخرة وذكراها وقيل كانوا يدعون إلى الآخرة وإلى الله تعالى، وقيل أخلصوا بخوف الآخرة وهو الخوف الدائم في القلب وقيل أخلصناهم بأفضل ما في الآخرة {وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار} يعني من الذين اختارهم الله تعالى واتخذهم صفوة وصفاهم من الأدناس والأكدار {واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل} أي اذكرهم بفضلهم وصبرهم لتسلك طريقهم {وكل من الأخيار} قوله عز وجل: {هذا ذكر} أي الذي يتلى عليكم ذكر وقيل شرف وقيل جميل تذكرون به {وإن للمتقين لحسن مآب} أي حسن مرجع ومنقلب يرجعون وينقلبون إليه في الآخرة ثم ذكر ذلك فقال تعالى: {جنات عدن مفتحة لهم الأبواب} قيل تفتح أبوابها لهم بغير فتح لها بيد بل بالأمر يقال لها انفتحي انغلقي {متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب وعندهم قاصرات الطرف أتراب} أي مستويات الأسنان والشباب والحسن بنات ثلاث وثلاثين سنة وقيل متآخيات لا يتباغضن ولا يتغايرن ولا يتحاسدن.


{هذا ما توعدون ليوم الحساب} أي قيل للمؤمنين هذا ما توعدون، وقيل هذا ما يوعد به المتقون {إن هذا لرزقنا ما له من نفاد} أي دائم ما له من نفاد وانقطاع بل هو دائم كلما أخذ منه شيء عاد مثله في مكانه.
قوله تعالى: {هذا} أي الأمر الذي ذكرناه {وإن للطاغين} يعني الكافرين {لشر مآب} يعني لشر مرجع يرجعون إليه ثم بينه فقال تعالى: {جهنم يصلونها} أي يدخلونها {فبئس المهاد} أي الفراش {هذا فليذوقوه حميم وغساق} معناه هذا حميم وهو الماء الحار وغساق. قال ابن عباس: هو الزمهرير يحرقهم ببرده كما تحرقهم النار بحرها وقيل هو ما يسيل من القيح والصديد من جلود أهل النار ولحومهم وفروج الزناة وقيل الغساق عين في جهنم وقيل هو البارد المنتن والمعنى هذا حميم وغساق فليذوقوه {وآخر من شكله} أي مثل الحميم والغساق {أزواج} أي أصناف أخر من العذاب {هذا فوج مقتحم معكم} قال ابن عباس هو أن القادة إذا دخلوا النار ثم دخل بعدهم الأتباع قالت الخزنة للقادة هذا فوج يعني جماعة الأتباع مقتحم معكم النار أي داخلوها كما دخلتموها أنتم قيل إنهم يضربون بالمقامع حتى يقتحموها بأنفسهم خوفاً من تلك المقامع قالت القادة {لا مرحباً بهم} أي الأتباع {إنهم صالوا النار} أي داخلوها كما صليناها نحن {قالوا} أي قال الأتباع للقادة {بل أنتم لا مرحباً بكم} أي لا رحبت بكم الأرض والعرب تقول مرحباً وأهلاً وسهلاً أي أتيت رحباً وسعة {أنتم قدمتموه لنا} يعني وتقول الأتباع للقادة أنتم بدأتم بالكفر قبلنا وشرعتموه لنا وقيل معناه أنتم قدمتم لنا هذا العذاب بدعائكم إيانا إلى الكفر {فبئس القرار} أي فبئس دار القرار جهنم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6